وكيف يحمل الإسلام - الممثل له في عمر الخليفة - كراهية العلم والمعرفة والكتابة ، بينما تلك الأمور هي بلا ريب من أسس الحضارة ومعالمها البارزة ؟ ! فإذا كان في عمل المانعين من الكتابة ما يوحي بخلاف ذلك ، فلا يمكن اعتبار عملهم إسلاميا ، ما دام الإسلام يؤكد بقرآنه وسنته وسيرة أتباعه على العلم والمعرفة والقراءة والكتابة ، وما دام أن هذه الأمور من مقومات الحضارة الصحيحة ومعالم جدارة الحكام الناجحين ، بما فهيم حكام المسلمين المستولين على مساحات كبيرة من عالم اليوم . فلا بد أن يعتبر عمل المانعين مخالفا لتدابير الإسلام ، وللأسس الحضارية المعترف بها ، لا أن يجعل عملهم دليلا على اتهام الإسلام وحضارته بشئ من مثل الذي زعمه المستشرق شبرنجر . وقد اعتبر جولد زيهر كل روايات التدوين موضوعة ، واعتبر كل الكتب المؤلفة الجامعة للحديث ، المنسوبة إلى العصر الأول ، مفتعلة ، فلم يعر لها اهتماما [1] . ولقد أثار ذلك حفيظة بعض المؤلفين المعاصرين من أنصار منع التدوين ، من المبررين لعمل المانعين ، فأظهروا تذمرهم من إنكار المستشرقين لتدوين الحديث في صدر الإسلام ! . ليس إنكار المستشرقين لوقوع التدوين في الصدر الأول ، أفحش
[1] السنة قبل التدوين ( ص 375 - 381 ) ومنهج النقد ( ص 49 ) تاريخ التراث العربي لسزكين ( 1 / 1 / 226 ) .