والحرام دون السنة ، فكان كما أخبر ، وبه ابتدع من ابتدع ، وظهر الضرر [1] . وقال الشيخ محمد أبو زهو : كاد القرن الأول ينتهي ، ولم يصدر أحد من الخلفاء أمره إلى العلماء بجمع الحديث ، بل تركوه موكولا إلى حفظهم ، ومرور هذا الزمن الطويل كفيل بأن يذهب بكثير من حملة الحديث من الصحابة والتابعين ( 1 ) . ونحن لا نعتقد أن هذه الآثار قد أفقدت الحديث شيئا من قدسيته أو اعتباره أو حجيته ، بل نعتقد أن هذه الآثار هي الدليل الواضح على فساد محاولات المنع ، سواء منع رواية الحديث ، أم منع تدوينه . وأن المانعين عليهم مسؤولية هذه الآثار وتبعاتها . وأن الحديث النبوي قد صانه المخلصون للحق ، والمبلغون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكل ما لديهم من أدوات الحيطة والحصانة والضبط ، أولئك الذين عارضوا إجراءات الحكام ، ولم يلتزموا بشرعيتها ، كما لم يلتزموا بشرعية حكمهم على الأمة . فمن المجموعة الكبيرة التي حفظها الصحابة بالكتابة والتقييد بأيد أمينة ، إلى المجموعة الكبيرة التي تناقلتها القلوب المخلصة بأفئدة ذكية ، إلى المحاولات الجادة الهادفة لوقف الزحف المخرب ضد الحديث وعلومه ، فقام علماء الإسلام بالسعي الجاد بتحديد قوانين الرواية وتحملها وأدائها ، بما لم يسبق له مثيل بن الأمم والحضارات السالفة ، وتأسيس علم
[1] دلائل النبوة ( 6 / 549 ) ، ولاحظ أحاديث الأريكة في ما مضى ( ص 352 ) وبعدها . ( 2 ) الحديث والمحدثون ( ص 127 ) .