ومراجع صالحة ، تقوم على رعايته والمحافظة عليه . لا أن يعمد إلى كبار الصحابة وحفاظهم للحديث ، فيكم أفواههم ، ويخوفهم ، ويشدد عليهم ، ويستنكر رواياتهم ، ويهددهم بالإبعاد عن المدينة ، أو بجبرهم على الإقامة فيها أليس هذا نقضا لغرض المحافظة على الحديث ؟ ! ألم يجعل عمر - بحبس الصحابة ومنعهم من الحديث - جعل ما عند أولئك الصحابة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكتومة في صدورهم ! فلم يبثوه إلى الأمة ! ولعلها تعرضت لعوامل النسيان وغيره ؟ أمثل هذا العمل يسمى محافظة ، وتثبتا ؟ وتوقيا ؟ ! أم يسمى هدرا ، وتفريطا ، وتضييعا ، وإماتة ؟ ؟ . وثانيا : من المتفق عليه - لدى كافة العقلاء - أن كتابة العلم ، وتسجيل المعلومات هما من أفضل وسائل الحفظ والصيانة والتثبت . ولو كان عمر يهدف من إجراءاته تلك المحافظة على الحديث والتثبت والتوقي فيه ، وكان يخاف من تداوله بين الناس وعدم صحته ، لكان يلجأ إلى تدوينه ، ويأمر بتقييده ، وضبطه ، أو يشرف هو - وجمع من الصحابة الحافظين له ، المأمونين - على عملية جمعه . لكن نرى أنه ، إلى جنب منع رواية الحديث ونقله بهذه الشدة ، كان من أشد المانعين للتدوين ، بأعذار مختلفة ، كما سبق لنا عرضها .