فهو يفرض في الصحابة حفاظا للقرآن ، ويفرض فيهم حفاظا للسنة ، ويجعل القتل يستحر بالأولين ، دون الآخرين ، يقول : إن التابعين تلقوا من حفاظ السنة ، دون حفاظ القرآن . وهذه كلها دعاو فارغة ، لا تصح : فمن أين جاء بهذه التقسيم بين الصحابة ، هل كانت هناك معاهد متخصصة بالقرآن ، وأخرى بالسنة ، تخرج جمع من الصحابة من هذا المعهد ، وجمع من ذاك ! ؟ وهل كان الجهاد الذي اشترك فيه الصحابة ، واجبا على حفاظ القرآن فقط ، دون حفاظ السنة ؟ وهل كان التابعون يتعمدون عدم تلقي القرآن من حفاظه ، ويقصدون التلقي من حفاظ السنة فقط ؟ ! ثم إن الآفات المهددة للسنة لم تنحصر بالقتل ، بل كان الموت الحق لحامليه بالمرصاد [1] وآفات الذاكرة [2] . أضف إلى ذلك عمليات الإبادة من الدفن والإحراق والإماثة في
[1] أنظر الحديث والمحدثون لأبي زهو ( ص 127 ) حيث يقول : ومرور هذا الزمن الطويل ( يعني القرن الأول ) كفيل بأن يذهب بكثير من حملة الحديث من الصحابة والتابعين . [2] فهذا أنس بن مالك - خادم النبي صلى الله عليه وآله وسلم - سئل عن البسملة في قراءة الصلاة ، فأجاب : قد كبرت ونسيت ! مع أن هذا داخل في الصلاة التي لا تترك بحال ! ويؤديها المسلم خمس مرات يوميا على أقل تقدير ! وأنس قد توفي سنة 92 ه فلاحظ .