من أمة أمية كالعرب ! وخصوصا إذا لاحظنا أن السنة قول أو فعل أو تقرير منه صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس من اللازم - بل - ولا من الممكن أن يجتمع معه صلى الله عليه وآله وسلم في كل أحواله جمع من الصحابة يمكنهم الكتابة ، ويؤمن تواطؤهم على الكذب ، فيؤدون كل ما يسمعون ويشاهدون إلى من بعدهم أو من غاب عنهم بجميع الطرق من تواتر لفظي وكتابة ، بل قد يصدر قوله أو فعله أمام صحابي واحد أمي ، ولا يتكرر ذلك منه في ما بعده . بخلاف القرآن : فإن الآية منه أو السورة ، كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام أقوام مختلفة منهم الكاتبون ، ومنهم الأميون ، ويتكرر ذلك منه في أزمنة وأمكنة مختلفة بعبارة واحدة لا تغيير فيها ولا تبديل ، فمن ذلك كله يتأتى وجود جميع طرق النقل فيه [1] . أقول : لا بد من تحديد موضع البحث ، فنحن هنا نبحث عن سبب المنع عن تدوين الحديث ، وعن خصوص النهي الشرعي عنه حسب دعوى المانعين ، وكما فرضه الشيخ محمود شلتوت [2] . وليس البحث عن الحكمة في مجرد عدم أمر الشارع بكتابة الحديث ، في الوقت الذي أمر بكتابة القرآن ، حتى يصح السؤال
[1] حجية السنة ( ص 422 - 423 ) . [2] الإسلام عقيدة وشريعة ( ص 498 ) .