بل في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشرف بنفسه مباشرة على كتابته منذ طلاوة نزوله . فلو كان الحفظ على الخاطر واجبا في شئ ، لكان في القرآن أوجب . ولو كانت سعة الحفظ وقوة الحافظة مانعة عن كتابة شئ لكانت أمنع ما تكون عن كتابة القرآن [1] . وإذا لم يكن كذلك ، ولم تكن الكتابة مانعة عن الحفظ ، بل مؤكدة له - كما سيأتي - فليكن في الحديث كذلك . هذا ما يبدو لنا من المناقشة في هذا التبرير ثانيا . وأما ثالثا : فلأن الكتابة لا تنافي الحفظ على الخاطر ، بل هي مؤكدة له ، وموجبة لقوته . وقد رأينا أن القرآن الكريم قد حث الشرع على حفظه على الخاطر واستظهار آياته ، وحث - كذلك - على كتابته وتدوينه وزاول أمر كتابته كتاب الوحي ، تحت إشراف الشارع نفسه ، وثابر المسلمون على كتابته مدى القرون ، من دون أن يكون لذلك تأثير في أمر حفظه . ولذا قد جاء في الحديث الشريف ، عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قوله : القلب يتكل على الكتابة [2] .
[1] لاحظ الفوائد الطوسية للحر العاملي ( ص 242 ) الفائدة ( 57 ) . [2] الكافي للكليني ( 1 / 42 ) ح 8 باب رواية الكتب ، كتاب فضل العلم .