كان العلم - الذي حفظه أصعب من حفظ الدين - أحرى أن تباح كتابته ، خوفا من دخول الريب والشك فيه [1] . ومن ظريف الآثار ما روي عن أبي المليح ، عن أيوب ( ت 131 ه ) أنه قال : يعيبون علينا الكتاب ، وقد قال الله تعالى : ( . . . علمها عند ربي في كتاب . . . ) [ سورة طه ( 20 ) الآية : ( 2 5 ) ] ( 2 ) . وروى الدارمي هذا الأثر ، عن أيوب ، عن أبي المليح ( 3 ) . ومن ذلك : قالوا لقتادة : نكتب ما نسمع منك ؟ قال : وما يمنعك أن تكتب ، وقد أخبرك اللطيف الخبير أنه يكتب ، قال : ( علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ) ( 4 ) . ويقول بعض المعاصرين : لقد كان القرآن الكريم فتحا جديدا رائعا ، لا في تاريخ العقيدة - فحسب - وإنما في تاريخ المعرفة الإنسانية كلها ، فهو قد كرم العلم والعلماء ، وأقسم في محكم آياته بالكتاب المسطور ، وبالقلم وما يسطرون وكان القرآن الكريم أول نص عربي كامل اتخذ شكل كتاب ( 5 ) .
[1] تقييد العلم ( ص 71 ) . ( 2 ) تقييد العلم ( ص 110 ) . ( 3 ) سنن الدارمي ( ج 1 / 104 ) ح 495 . ( 4 ) المحدث الفاصل ( ص 372 ) رقم ( 340 ) وتقييد العلم ( ص 103 ) . ( 5 ) مصادر التراث العربي ، عمر الدقاق ( ص 9 ) عن عبد الستار الحلوجي ، مجلة الكتاب العربي ، أكتوبر 1970 .