ومنهم من ادعى انقطاع الصلة بين الرسول وما يروى عنه ، وتعذر تمييز الصحيح من السقيم ، لإهمال تدوينه نحو قرن من الزمان . فدعا إلى إهمال الحديث جملة ، والاكتفاء بالقرآن الكريم . ومن المؤسف أن يقول بهذا الرأي من يزعم أنه من المسلمين [1] . ومما يدل على أن هذه الدعوة فاسدة هو تذرع الظالمين بها ، فهذا عقبة بن نافع ، الذي ولي لمعاوية ، وغزا إفريقية ثم ولي ليزيد - يقول في وصيته إلى ولده : لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله إلا عن ثقة . . . ولا تكتبوا ما يشغلكم عن القرآن [2] . فالثقة الذي يعتمد عليه مثل هذا الوالي معلوم من هو ؟ ونغمة الاشتغال عن القرآن ، مصدرها المانعون عن كتابة السنة ، كما هو واضح بأدنى التفات . ثم جاء في آخر الزمان من يشعل فتيل هذه الفتنة ، وينعق بما لا يعقل من ضجيجها ، في ما نقله الشيخ زيني دحلان من : أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - مبتدع الدعوة الوهابية - كان يضمر في نفسه دعوى النبوة وأنه رفض الاحتجاج بالسنة وتظاهر باتباع القرآن [3] . على طريقة : حسبنا كتاب الله ، أو : بيننا وبينكم كتاب الله .
[1] السنة قبل التدوين ، المقدمة ( ص : د ه ) . [2] مختصر تاريخ دمشق ( 17 / 111 ) . [3] خلاصة الكلام لدحلان ( ص 229 - 231 ) .