المنزلة من عدم الاعتبار ، فلماذا أوردوه في ترجمة أبي بكر ؟ أليس للاعتبار به ؟ ثم إن تشددهم في مسائل رجال السند إنما هو في أحاديث أحكام الشريعة ، دون غيرها من الأخبار والسير [1] . ثم تلاه عمر ، فلما تربع على أريكة الحكم أبدى في بداية أمره رغبة في جمع الحديث وكتابة السنن ، لكنه بعد مدة ، بدا له منع التدوين ، وبشدة فائقة ، إلى حد أن عمم ذلك في أمر رسمي على الجميع . ومن هذا التاريخ بالذات بدأ حديث المنع عن تدوين الحديث يتسرب وينتشر . والذي يستوقف الناظر أمران : 1 - أن أبا بكر وعمر ، لم يعمدا في إجرائهما إلى الاستدلال بثبوت المنع في ما سبقهما من عصر النبوة ، ولا استندا في عملهما إلى حديث مرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أحد من علماء الصحابة [2] . بل لم نجد غيرهما من المانعين استند إلى نهي نبوي عن التدوين . قال المعلمي : لم يثبت استدلال أحد منهم بنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم [3] .
[1] جامع بيان العلم ( 1 / 31 ) قال : والحجة من جهة الإسناد إنما تتقصى في الأحكام وفي الحلال والحرام . [2] الحديث والمحدثون لأبي زهو ( ص 233 - 234 ) وانظر دلائل التوثيق المبكر ( ص 234 ) فإنه أكد على أن موقف عمر لم يكن على أساس منع النبي صلى الله عليه وآله . [3] الأنوار الكاشفة ( ص 34 ) .