إقدامه ذلك ، وإنما رووا عنه المنع عن أصل رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : روى الذهبي : أن الصديق - يعني أبا بكر - جمع الناس بعد وفاة نبيهم ! فقال : إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه [1] . ويمكن أن يستفاد من هذه الرواية أن أبا بكر منع تدوين الحديث ، بأحد وجهين : 1 - بطريق الأولوية ، فإن أبا بكر لما منع نقل الحديث وروايته ، فهو لكتابته أشد منعا ، لأن الكتابة أبقى ، وسبب أقوى لتداول الحديث وانتشاره ، أكثر مما هو في مجرد النقل . مع أن الأمة بين مانع للتدوين دون الرواية ، وبين مانع للاثنين ، وبين مبيح لهما ، وليس في الأمة من يمنع الرواية دون التدوين ، فلم ينقل ذلك عن أبي بكر ولا عن غيره ! 2 - أن النهي عن مطلق الحديث المفهوم من قوله : لا تحدثوا . . . شيئا ، يشمل الكتابة ، وخاصة بالنظر إلى التعليل الذي ذكره ، فهو يرى أن الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم موجب للاختلاف ،
[1] تذكرة الحفاظ للذهبي ( 1 / 3 ) ترجمة أبي بكر ، والأنوار الكاشفة ( ص 53 ) وسنعلق عليه بتفصيل في الملحق الأول ( ص 424 فما بعدها ) .