الأمر الثاني : قد ظهر من مجموع ما أوردناه في هذا الفصل تحقق إجماع أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم على إ باحة التدوين لجميع العلوم ، وخاصة الحديث الشريف منذ عهد أمير المؤمنين عليه السلام وحتى اليوم ، ولم يعهد عن أي واحد منهم سواء الأئمة الاثنا عشر ، أو أصحابهم ، أو سائر علماء الشيعة الأبرار نقل - ولو ضعيف - بالقول بمنع التدوين . ومن ذلك يعلم بالقطع واليقين بطلان نسبة حديث النهي عن الاحتفاظ بالكتب إلى الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام ، والاستدلال بذلك على منعه لتدوين الحديث . فإنه : مضافا إلى منافاته لما اشتهر من النقل عن الإمام عليه السلام من كونه من القائلين بإباحة التدوين ، بل هو مذكور في مقدمة المبيحين ، وقد نقلنا عنه ذلك قولا وعملا ، بما لا يبقى معه ريب في بطلان نسبة الخلاف إليه . فإن ذلك باطل من جهات : 1 - أن ذلك الخبر - الذي رواه القرطبي في جامعه [1] - إنما هو خبر واحد ، غير معروف الطريق ، ولا مشهور الرواية ، فلا يعارض الأخبار الكثيرة الناقلة لإباحته عليه السلام التدوين والكتابة ، وروايته ذلك ، وفعله وكتابته للكتب ، كما فصلناه سابقا . 2 - إن نص هذا الخبر هو :
[1] جامع بيان العلم ( 1 / 63 ) وانظر السنة قبل التدوين ( ص 313 ) .