أحكامهم موافقة لنصوص القرآن الكريم ، وآراؤهم أوفق بمسلمات الأذواق السليمة ، ومقبولات العقل والأعراف الحكيمة . فقد أباحوه حيث منعه المانعون ، وحثوا عليه الأمة تلف الأساليب والوسائل فنشروه عندما منعه غيرهم ، ولم يترددوا في ذلك طرفة عين ، ودأبوا على أدائه وتبليغه ، منذ عهد الرسالة المبكر ، فضبطوه في مؤلفاتهم ، وسعوا في حفظه وأودعوه كل ثقة أمين ، ولذلك حفظ الحديث الشريف عندهم - وعند أصحابهم وأتباعهم - مسجلا ، مكتوبا ، محفوظا من الدس والتزوير والتحريف والتصحيف [1] . في الوقت الذي كان الحديث الشريف معرضا لمنع المانعين كما سنذكره في القسم الثاني من هذه الدراسة ( 2 ) . وكذلك قاوموا عملية منع التدوين ، فأبطلوا حجج المانعين ودفعوها ، وألفوا كل ما في وسعهم من الحديث الشريف في الكتب الجامعة ، والصحف الواسعة ، فتداولوها ، وتناقلوها . وبذلك ظهر الحق الذي أنبأ عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين . وقد ذكر العلامة الطهراني - في تعليق له على الحديث المسند إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، المرفوع بطريق الصادق عن آبائه : عليهم السلام
[1] لقد عزمت على جمع ما أثر عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في التأكيد على جمع الحديث والمحافظة عليه ، والخطوط التي رسموها لذلك مما يعتبر أساسا لعلوم الدراية والرواية والرجال ، في كتاب مستقل ، أعاننا الله على إتمامه .