ومن مجموع ما أوردنا ظهر أن لفظ ( كتاب الله وسنتي ) لم يرد من وجه صحيح حجة ، فطرقه بين مرسل ، ومخدوش السند ، ومتنه إما معلول أو مصحف ، مع أنه على كل حال خبر واحد لا يعار ض به حديث الثقلين : ( الكتاب والعترة ) المشهور - إن لم يكن متواترا - والتي وردت به كتب الصحاح والمسانيد والسنن ، مع خلو ه عن أية علة قادحة في الاحتجاج به . هذا ، ولو فرض صحة حديث : كتاب الله وسنتي ، فهو لا ينافي حديث كتاب الله وعترتي ، ولا يؤد ي إلى الإعراض عنه وذلك : أولا لأن الالتزام بالسنة يتبعه الالتزام بالعترة ، لكثرة الأحاديث النبوية الشريفة ، وتواترها ، الدالة على لزوم اتباع أهل البيت عليه السلام والتمسك بالعترة . فليست السنة مستبعدة للعترة ، كما أن أهل البيت لا يبعدون عن السنة ، إذ في بيوتهم نبعت وانتشرت ، فهم أدرى بها ، إذ هي منهم . وثانيا : إن الجمع بين الحديثين ممكن ، فتكون الأمور المرجوع إليها ثلاثة عملا بالحديثين جميعا ، كما قال ابن حجر الهيتمي : إن الحث وقع على التمسك بالكتاب ، وبالسنة ، وبالعلماء بهما من أهل البيت ، ويستفاد من مجموع ذلك ، بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة . الصواعق المحرقة ( ص 98 ) . وثالثا : مع أن السنة قد يستغنى عن ذكرها ، لأنها مبينة للكتاب ، فأغنى ذكره عن ذكرها كما ذكر ذلك ابن حجر في الصواعق ( ص 98 ) . ولكن العترة لا يستغنى عنهم بحال ، لأن الكتاب وهو نص مكتوب والسنة كذلك ، أو هي كلام منقول ، وإن ما هما بحاجة إلى من يؤد ي عنهما ، ويوضحهما ، فهما صامتان ، وأئمة أهل البيت عليهم السلام هم الناطقون عنهما ، كما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو يتحدث عن القرآن : النور المقتدى به ، ذلك القرآن ، فاستنطقوه ، ولن ينطق ، ولكن أخبركم ، ألا إن فيه علم ما يأتي ، والحديث عن الماضي ، ودواء دائكم ، ونظم ما بينكم . . . نهج البلاغة ، الخطبة ( 180 ) . ورابعا : إن المحجوج بحديث : الكتاب والسنة ، إنما هو من زعم عدم حجية السنة ، والاكتفاء بالقرآن ، وهو من أعلن عن مقولة ، حسبنا كتاب الله وهو غير أتباع أهل البيت عليهم السلام