معتمدين على دلائل الأمور ، إذ هي أشد تثبيتاً من شهادات الرجال ، وهذا يرتبط بأعلمية المؤرخ الفاعل على الحوادث التاريخية والذي يجب أن يرتكز عمله على المقايسة ، المماثلة والمفارقة ، الفصل والربط المقاربة والمباعدة ( 1 ) . كل هذه المناهج تؤدي حتماً إلى استخلاص النتيجة الصحيحة ، لكن إلى أي حد كان ابن كثير موضوعياً في تعاطيه مع الأحداث والوقائع ؟ هذا ما يبينه لنا أسلوبه في عرض الحقائق . يذكر ابن كثير رزية الخميس ، وهي من الأحداث التاريخية الشائكة في الإسلام لأن فيها أولاً أتهم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالهجر ، وثانياً منع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من كتابة وصية مهمه تعصم الأمة عن الوقوع في الضلال من بعده . فيعلق على هذا الحديث بقوله : وهذا الحديث مما قد توهم به بعض الأغبياء من الشيعة وغيرهم كل مدع أنه كان يريد أن في ذلك الكتاب ما يرمون إليه من مقالاتهم وهذا هو التمسك بالمتشابه وترك المحكم وأهل المحكم يأخذون بالمحكم ويردون ما تشابه إليه ، وهذه طريقة الراسخين في العلم كما وصفهم الله عز وجل في كتابه وهذا الموضع مما زل فيه أقدام كثير من أهل الضلالات وأما أهل السنة فليس لهم مذهب إلا اتباع الحق يدورون معه كيفما دار ( 2 ) .