نفسه المدافع عن الإسلام من أهل البدع والضلالات والذين هم بالضبط الطائفة المعارضة للأنظمة السياسية القائمة آنذاك . وبحيث لا يغفل عن بالنا وعلى غير ما ذهب إليه جموع من الناس في أن ابن كثير وإن لم يضطلع بدور سياسي ، لكن كانت له مشاركة في صنع القرارات ، إذ يذكر في تاريخه أنه اجتمع مع نائب السلطان في بلاد الشام ( 1 ) ، وذكر له أشياء كثيرة مما ينبغي اعتماده في حق أهل قبرص من الإرهاب ووعيد العقاب ، ويذكر مرة أنه اجتمع بالخليفة ووصفه بأنه متواضع جيد الفهم حلو العبارة رحم الله سلفه ( 2 ) . ولا يخفى على أي مطلع أن الطائفة التي عرفت بالمعارضة طوال التاريخ هم الشيعة . فكما كان نصيب الشيعة من السلطان السيف كان نصيبهم سلاطة القلم من ابن كثير . بحيث أنه كان في أي موضع من المواضع يرى فيها قوة أدلة الشيعة يخرج كماً من اللعنات والتلفيقات فيلقيها على الشيعة والتشيع . علما أن الدقة والتمحيص لازمتين لإخراج الحقيقة من بين ركام من الأحداث حتى تكون المفاهيم والحقائق المطروحة معقولة ، وعلى حد قول « رانكه » : يبدأ العلم بنقد التقليد الموروث ( 3 ) وإدخاله في تحقيق معرفي مع ذاته حتى تنفرز الأحداث الصحيحة والخاطئة والمكذوبة
1 - احمد أبو ملحم عن مقدمة البداية والنهاية . 2 - ابن كثير - البداية والنهاية : 14 / 257 . 3 - عبد الله العروي مفهوم التاريخ : 1 / 86 .