وتوقف العقل المسلم عن النظر فيه وتتبع عثراته ، إذن يبقى المخرج الوحيد هو تحديد هويتنا من خلال سؤال مَن نحن ؟ في ظل تاريخ غامض ، هذا التاريخ الذي لا يمكن أن يعبر عن نفسه إلاّ إذا انسجم مع الوعي العام للمجتمع الإسلامي ، ويكون هذا الأخير هو المحرك الحقيقي الذي تتبلور فيه المعارف ، والأرضية المقبلة على التحول ، قد تكون الدعوات التاريخية دعوات من أجل إخراج المجتمع من حالة الركود التي يعيش فيها ، ولكن قد تصاب بخيبة أمل إذا ما انفصلت عن المحدد والمحرك الحقيقي والذي عبرنا عنه بالوعي ، إذ تبقى المراجعات التاريخية مجرد إعادة المستهلك من القديم ومحاولة إحيائه بشكل يفقده خصائصه الثورية ، لذا لا يتميز مفهوم التاريخ إلاّ إذا انحاز إلى الوعي وحل كله فيه . بعبارة أخرى واضحة في ضوء التحليلات السابقة : لا يكتسب المجتمع التقليدي فكرة التاريخ إلاّ في إطار الدعوة التاريخانية ، . . . ولا يكفي أن يقلد المجتمع التقليدي منهج توقديد أو ابن خلدون أو ماركس أو فرويد ، لأن في ذلك مجرد إبدال تقليد بآخر ، بل يجب أن يمر هو نفسه بتجربة هؤلاء جميعاً ويكتشف بدوره كشفهم الأساسي إبداعية الإنسان وإنسانية الأخبار . إن عملية البحث التاريخي لا يعني بها معاودة التحقيق وإنتاج التحقيق على التحقيق ، وإنما استخراج العيوب مع استخلاص العبر ، بالشكل الذي يعطي دفعة للمجتمع نحو الرقي والتقدم .