مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) * ( 1 ) . وقال تعالى * ( وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ) * ( 2 ) . إن الآيتين الكريمتين تحويان في طياتهما مجموعة من الرموز والتي تبين وضع الحاكم بالمنظور الإلهي . إن الاحتياج القائم في المجتمع الإسرائيلي وهم مقبلين على الحرب جعلتهم يلحّون على نبيهم أن يبعث لهم ملكاً يقاتلون فيه ، إنّ الدلالة في هذه الآية تبيّن على أن أمر السلطة في المجتمع الديني لم يكن بيد الناس ، إذ لو كان بيدهم لما لجؤوا لطلب السؤال من نبيهم ، وبهذا يكون الأمر خارجاً عن الأمر البشري ، وإنما هو أمر مرتبط بالدين وبالتالي بالله تعالى ، إذ يتبين أن هذا الأمر الإلهي 100 % ويتضح أنه خارج عن إرادة النبي باعتباره الموجه الديني في قوله تعالى على لسان النبي : * ( إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ) * ( 3 ) ، ومن هذا السياق يتضح الأمر الحقيقي لمسألة خلافة الناس وحكمهم بكونه مسألة خارجة عن إرادة الشعب ، لذلك لم يتجرّأوا على انتخاب واحد منهم ، بل وكّلوا الأمر إلى نبيهم الذي لم يكن نفسه قادراً على تحديد شخصية من تلقاء نفسه ، وإنما احتاج في ذلك إلى أمر الهي ، فجاء قول الله تعالى باختيار طالوت ملكا ، ورغم اعتراضهم فإن الله تعالى حدد المميزات التي جعلته