وقد تجلى هذا خصوصاً في التاريخ الإسلامي ، حيث لم يلعب المؤرخ دور الباحث عن أحداث التاريخ ، بل مارس إلى جانبه دور الفقيه والقاضي . ويلاحظ هذا مثلا عند الطبري حيث أنه كان يضفي الشرعية على الواقع خلال ذكره للوقائع التاريخية ، وخصوصاً ما أنتجه هذا الواقع من التقديس ، والذي وقف حجر عثرة أمام تحرّر الفكر والبحث عن الحقيقة . لهذا ، فالانطلاقة نحو التحرّر المعرفي هو ما جاء على قول ، حيث أنه ذهب إلى أن علم التاريخ يبدأ بنقد التقليد ، وقد نعبرّ عنها بصيغة أُخرى وهي أنّ علم التاريخ يبدأ بتحريك الزمن التصوري للأمة ، وهي إنطلاقة الفعل المعرفي كآلية حتى يخرج التاريخ وأحداثه من التجميد الممارس عليه فيحدث ثورة في بنيته كي تعطي للواقع ديمومته واستمراريته ، مما يواكبه تحريك للزمن التاريخي . وقد نجزم كون تحريك هذا الأخير هو الباعث على إيجاد المسار الصحيح للتطوّر . وقد نلامس هذه الحقيقة بوضوح في النهضة الأوربية بعد ما أُعلنت الثورة على المقدس المزوّر ، فتفاعلت الثورة الفكرية والثقافية مع الوقائع التاريخية لتخرج أوروبا بذلك من ذلك الجمود المقيت والتخلّف الذي كان سائداً آنذاك ، ولا ندعوا في كلامنا هذا بالثورة على المطلق من الدين ، لأن التفاوت بين الديانتين واضح عند الجميع . لكن التاريخ الإسلامي كما أسلفنا مسبقاً قد تعرّض لعملية تحوير ،