وفي الغدير أجرى الله معجزة على يد رسوله الكريم لتكون إمضاء إلهياً لولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . ففي اليوم الثالث من الغدير جاء رجل اسمه الحارث الفهري مع اثنى عشر رجلا من أصحابه إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : يا محمد ، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه ، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلناه ، وأمرتنا بالحج فقبلناه ، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضَّلته علينا وقلت : " من كنت مولاه فعلى مولاه " . أهذا شي من عندك أم من الله ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : والله الذي لا إله إلا هو ، إن هذا من الله . فولَّى الحارث يريد راحلته وهو يقول : " اللهم ان كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " . ( 1 ) فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر ; فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله ; وأنزل الله تعالى : ( سأل سائل بعذاب واقع ) . ( 2 ) فالتفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أصحابه وقال : رأيتم ؟ قالوا : نعم . قال : وسمعتم ؟ قالوا : نعم . قال : طوبى لمن تولاه والويل لمن عاداه . كأني أنظر إلى علي وشيعته يوم القيامة يزفُّون على نوق من رياض الجنة ، شباب متوَّجون مكحَّلون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . قد أُيِّدوا برضوان من الله أكبر ، ذلك هو الفوز العظيم . حتى سكنوا حظيرة القدس من جوار رب العالمين ، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذُّ الأعين وهم فيها خالدون . ويقول لهم الملائكة : ( سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) . ( 3 )
1 - ولقد حكى الله تعالى قوله في الآية 32 من سورة الأنفال حيث يقول : " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب عليم " . 2 - سورة المعارج : الآيات 1 - 3 . 3 - سورة الرعد : الآية 24 .