النهار وقال له : يا محمد ، إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك : ( يا أيها الرسول ، بلِّغ ما أنزل إليك من ربك ، وان لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس ، ان الله لا يهدى القوم الكافرين ) . ( 1 ) فتسمَّر النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مكانه وأصدر أمره إلى المسلمين بالتوقف وغيَّر مسيره إلى جهة اليمين وتوجَّه نحو الغدير وقال : " أيها الناس ، أجيبوا داعى الله ، أنا رسول الله " . ثم قال : " أنيخوا ناقتي ، فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربى " ; وأمرهم أن يردُّوا من تقدَّم من المسلمين ويوقفوا من تأخَّر منهم حين يصلون إليه . وبعد أن صدر الأمر النبوي المذكور توقَّفت القافلة كلها ، ورجع منهم من تقدم ونزل الناس في منطقة الغدير ، وأخذ كل فرد يتدبَّر أمر إقامته هناك حيث نصبوا خيامهم وسكن الضجيج تدريجياً . وشهدت الصحراء لأول مرة ذلك الاجتماع العظيم من الناس ، وقد زاد من عظمته حضور الأنوار الخمسة المقدسة : النبي الأكرم وأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ; وقد اشترك في ذلك التجمع الجماهيري الرجال والنساء من مختلف الأقوام والقبائل والمناطق ، وبدرجات متفاوتة من الإيمان ، انتظاراً لخطبة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) . ونزل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) عن ناقته وحطَّ رحال النبوة عند غدير خُمٍّ ، وكان جبرئيل إلى جانبه ينظر إليه نظرة الرضا ، وهو يراه يرتجف من خشية ربه