نام کتاب : بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية نویسنده : السيد محسن الخزازي جلد : 1 صفحه : 55
ثم لا يخفى عليك أن بعض الأدلة الدالة على إثبات المبدأ المتعالي تكفي أيضا للدلالة على توحيده الذاتي ، فإن دليل الفطرة مثلا يدل على أن القلب لا يتوجه إلا إلا حقيقة واحدة ، كما يشهد له تعلق الرجاء عند تقطع الأسباب بقادر مطلق واحد لا بمتعدد . هذا مضافا إلى أن مقتضى برهان المحدودية هو اللاحدية اللازمة لصرفية المبدأ المتعال وهي لا تساعد مع التعدد ، لأن كل واحد على فرض المتعدد محدود بحدود في قبال الآخر وخال عن وجود الآخر ، لأنه في عرضه لا في طوله حتى يكون واجدا لمراتب وجوده بنحو الأعلى وإلا تم وهو خلف في صرفية المبدأ المتعال ولأحديته ، بل يحتاج كل واحد منهما في تحديد وجوده إلى حاد آخر ، ولذا اشتهر في ألسنة الإشراقيين والفلاسفة أن صرف الشئ لا يتثنى ولا يتكرر . قال الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره - : إن الحد الوسط في هذا البرهان قد يكون هو الصرفية وقد يكون هو عدم التناهي واللاحدية ، فيمكن تقرير البرهان على الوجهين . أحدهما : أن الواجب تعالى هو لا يتناهى إذ لا ينتهى إلى زمان أو مكان أو شرط أو علة أو حيثية أو مرتبة ولا غير ذلك ، وكل ما لا يتناهى من جميع الجهات لا يقبل التعدد . وثانيهما : أن وجود الواجب صرف الوجود ، إذ لا فقد له حتى يشوبه العدم ، بل هو كل الوجود وتمامه والصرف لا يقبل التعدد فالواجب واجد [1] . قال المحقق الإصفهاني - قدس سره - : وليس صرف الشئ إلا واحدا * إذ لم يكن له بوجه فاقدا فهو لقدس ذاته وعزته * صرف وجوده دليل وحدته ومنه يستبين دفع ما اشتهر * عن ابن كمونة والحق ظهر ولعل إلى برهان الصرف يشير ما رواه في الكافي عن أبي عبد الله