فليس بعدك شئ ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ ، وأنت الباطن فليس دونك شئ ) ، ولم يقل تحتك ! وقد تكلمنا على هذا الحديث في غير هذا الموضع ، وما في الكتاب والسنة من قوله : أأمنتم من في السماء ، ونحو ذلك ، قد يفهم منه بعضهم أن السماء هي نفس المخلوق العالي ، العرش فما دونه ، فيقولون : قوله في السماء بمعنى على السماء كما قال : ولأصلبنكم في جذوع النخل أي على جذوع النخل وكما قال : فسيروا في الأرض ، أي على الأرض ، ولا حاجة إلى هذا ، بل السماء اسم جنس للعالي لا يخص شيئاً ، فقوله : في السماء أي في العلو دون السفل ، وهو العلي الأعلى فله أعلى العلو وهو ما فوق العرش ، وليس هناك غير العلي الأعلى سبحانه وتعالى ) . انتهى . ( وقال في الرسالة التدمرية ص 39 : ( إن الله سبحانه موصوف بالإثبات والنفي ، فالإثبات كإخباره بأنه بكل شئ عليم وعلى كل شئ قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك ، والنفي كقوله لا تأخذه سنة ولا نوم ، وينبغي العلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتاً ، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال ، لأن النفي المحض عدم محض ، والعدم المحض ليس بشيء ، وما ليس بشيء فهو كما قيل : ليس بشيء فضلاً عن أن يكون مدحا أو كمالا ، ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع ، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال ، فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمناً لإثبات مدح . . . وكذلك قوله : لا تدركه الأبصار ، إنما نفي الإدراك الذي هو الإحاطة ، كما قاله أكثر العلماء ، ولم ينف مجرد الرؤية لأن المعدوم لا يرى ، وليس في