الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه ، لأن الخلق يضاف إلى الرحمن إذ الله خلقه ، وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن لأن الله صورها ، ألم تسمع قوله عز وجل : هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ، فأضاف الله الخلق إلى نفسه إذ الله تولى خلقه إلى آخر كلامه ، وكذاك قوله عز وجل : هذه ناقة الله لكم آية ، فأضاف الله الناقة إلى نفسه وقال : تأكل في أرض الله ، وقال : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ، وقال : إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، فأضاف الله الأرض إلى نفسه ، إذ الله تولى خلقها فبسطها ، وقال : فطرة الله التي فطر الناس عليها ، فأضاف الله الفطرة إلى نفسه إذ الله فطر الناس عليها ، فما أضاف الله إلى نفسه على مضافين ( كذا ) إحداهما إضافة الذات والأخرى إضافة الخلق ، فتفهموا هذين المعنيين لا تغالطوا ، فمعنى الخبر إن صح من طريق النقل مسنداً : فإن ابن آدم خلق على الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح ، قال الله جل وعلا : ولقد خلقناكم ثم صورناكم . والدليل على صحة هذا التأويل أن أبا موسى محمد بن المثنى قال : ثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمر قال : ثنا المغيرة وهو ابن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد ، عن موسى بن أبي عثمان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله آدم على صورته ، وطوله ستون ذراعاً . . . إلخ ) . انتهى . ونحن نقبل منه تأويله لهذا الحديث لأنه موافق للمنطق وموافق لمذهبنا ، ولكن الوهابيين تبنوا الحديث الذي فيه ( على صورة الرحمن ) ونسبوا إلى الخليفة عمر بأنه قبل مقولة اليهود بأن الله تعالى خلق آدم على صورة الله سبحانه وتعالى !