وقد امتازت اللغة العربية على غيرها من اللغات بفصاحتها وبلاغتها لأنها استعملت أساليب متنوعة في التعبير منها : المجاز ، والكناية ، والاستعارة ، والتشبيه . . . إلخ . وعلى هذا الأساس تعامل الصحابة ومن عاصرهم مع ألفاظ القرآن الكريم والحديث الشريف ، وفهموا النصوص التي يخالف ظاهرها تنزيه الله تعالى بأنها تعابير مجازية من تشبيه المعقول بالمحسوس لتقريب صفاته تعالى وأفعاله إلى أذهان البشر ، وحكموا بأن ظاهرها الحسي غير مراد ، فيجب تأويلها بالمعاني المجازية ، فعندما يقول سبحانه : إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم ، فلا يقصد باليد عضو اليد ولا شيئاً لله تعالى شبيهاً به ، بل يقصد أن الله تعالى هو طرف المبايعة وقدرته وهيمنته وجلاله أعلى من المبايعين . وهذا أمر طبيعي في اللغة حتى في حياتنا اليومية ، فعندما يقول لك شخص : قرت عينك بعودة مسافرك ، فإنك تشكره لأنك تفهم أن ( قرت عينك ) تعبير مجازي ودعاء لك بالطمأنينة والهدوء المعنوي لا المادي ، ولا تقول له إنك دعوت علي بالموت وأن تقر عيني حسياً عن الحركة ! القاضي عياض ينقل إجماع المسلمين على التأويل ( قال النووي في شرح مسلم مجلد 3 جزء 5 ص 24 : ( قال القاضي عياض : لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء ليست على ظاهرها ، بل متأولة عند جميعهم ) . ( وقال في شرح مسلم مجلد 5 جزء 9 ص 117 :