فقال ( عليه السلام ) : كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين ، ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد فذلك الذي هو أشد من هذا , ألا إن عذاب الآخرة فإنه أشد من عذاب الدنيا . قيل : فما لنا نرى كافراً يسهل عليه النزع فينطفئ وهو يتحدث ويضحك ويتكلم ، وفي المؤمنين من يكون أيضاً كذلك . وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟ قال ( عليه السلام ) : ما كان من راحة هناك للمؤمنين فهو عاجل ثوابه . وما كان من شدة فهو تمحيصه من ذنوبه ، ليرد إلى الآخرة نقياً نظيفاً مستحقاً لثواب الله ليس له مانع دونه . وما كان من سهولة هناك على الكافر فليوفى أجر حسناته في الدنيا ، ليرد الآخرة وليس له إلا ما يوجب عليه العذاب . وما كان من شدة على الكافر هناك ، فهو ابتداء عقاب الله عند نفاد حسناته ، ذلكم بأن الله عَدْلٌ لا يجور . ودخل موسى بن جعفر ( عليه السلام ) على رجل قد غرق في سكرات الموت ، وهو لا يجيب داعياً فقالوا له : يا ابن رسول الله ، وددنا لو عرفنا كيف حال صاحبنا وكيف يموت ؟ فقال : إن الموت هو المصفاة : يصفي المؤمنين من ذنوبهم ، فيكون آخر ألمٍ يصيبهم كفارةَ آخر وِزْرٍ عليهم . ويصفي الكافرين من حسناتهم فتكون آخر لذة أو نعمة أو رحمة تلحقهم هي آخر ثواب حسنة تكون لهم . أما صاحبكم فقد نُخل من الذنوب نخلاً ، وصُفِّي من الآثام تصفيةً ، وخلص حتى نقيَ كما ينقى ثوب من الوسخ ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت ، في دارنا دار الأبد . . .