والثالثة ، التأثير الوضعي أي التكويني للعمل على الروح والبدن . والرابعة ، التأثير المجعول من الله تعالى للعمل على الروح والبدن . وفي كل واحدة منها بحث مفصل ، لكنها بشكل عام موضع اتفاق بين المسلمين ، فقد رووا كلهم أن النية أصل العمل وعمقه ، وأن أعمال الإنسان الخيِّرة والشريرة تؤثر بكل مباشر وغير مباشر على روح الإنسان وبدنه ، ومنها ما يتجسد عند موت الإنسان أو في قبره أو يوم القيامة . كما اتفقوا على التفاعل بين الروح والجسد ، وأن علاقتهما لا تنقطع بالموت . الفعل من الروح والبدن مجرد آلة ! روى الجميع أن النبي ( ص ) قال للمهاجرين إلى المدينة : إن قيمة هجرتكم بالنية . ففي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب ، قال : ( سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنياً يصيبها أو إلى امرأةٍ ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . فالنبي ( ص ) يقول لهم : إن المهاجر إلى المدينة لهدف دنيوي ، يشبه المخلص المهاجر لله ورسوله ، لكن الدنيوي لا نصيب له في الإسلام والهجرة ! والسبب أن نيته فاسدة وأن قيمة العمل بالنية ، بل العمل في حقيقته : النية ! قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) كما روى عنه سفيان الثوري ( الكافي : 2 / 16 ) : ( في قول الله عز وجل : لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ، قال : ليس يعني أكثر عملاً ، ولكن أصوبكم عملاً . وإنما الإصابة خشية الله ، والنية الصادقة والحسنة . ثم قال : الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل . والعمل الخالص : الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل ، والنية أفضل من العمل . ألا وإن