فيمكننا في تفسير هذا المشهد أن نتحدث عن مفهوم البرية في القرآن ومفهوم النخبة وعلاقته بالسابقين ، وعن عمل النخبة ، ثم معنى عيشتهم عند ربهم . وأنواع الجنات ، وعلاقة جنات عدن بجنات الفردوس ودرجة الوسيلة . ثم عن معنى الرضا المتبادل ، وحياة الإنسان في جو خشية ربه عز وجل . وكل ذلك عناصر مهمة ومفيدة في فهم مشهد النخبة من أهل الجنة . لكن الذي خسرناه عناصر مفصلية ، ضيعت علينا من هم هؤلاء النخبة ، ومن يقابلهم ! فلنقرأ السورة القصيرة : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ . رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُواْ صُحُفًا مُطَهَّرَةً . فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ . وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ . وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَوةَ وَيُؤتُوا الزَّكَوةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ . إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ . إلى آخر السورة . وأول ما نراه في السياق أن مشهد النخبة في الجنة ، يأتي نتيجة صراعٍ بين كفار أهل الكتاب والمشركين من جهة ، وبين الرسول المنتظر وكتابه المنتظر ، من جهة . فلا يمكن أن تفهم خير البرية فهماً كاملاً إلا بفهم شر البرية الذين يقابلونهم ، ولا أصحاب جنات عدن ، إلا بمن يقابلهم من أصحاب نار جهنم ، ولا العمل الصالح لنشر الرسالة ، إلا بالعمل الطالح العدواني في حرب النبي ( ص ) !