قال : فمن أين قالوا : أن أهل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فإذا أكلها عادت كهيئتها ؟ قال : نعم ذلك على قياس السراج يأتي القابس فيقتبس عنه فلا ينقص من ضوئه شيئاً ، وقد امتلأت الدنيا منه سراجاً . قال : أليسوا يأكلون ويشربون ، وتزعم أنه لا يكون لهم الحاجة ؟ قال : بلى . لأن غذائهم رقيق لا ثقل له ، بل يخرج من أجسادهم بالعرق ) . 4 . وفي علل الشرائع ( 1 / 107 ) : ( عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إنما صار الإنسان يأكل ويشرب بالنار ، ويبصر ويعمل بالنور ويسمع ويشم بالريح ، ويجد طعم الطعام والشراب بالماء ، ويتحرك بالروح . ولولا أن النار في معدته ما هضمت الطعام والشراب في جوفه . ولولا الريح ما التهبت نار المعدة ولا خرج الثفل من بطنه . ولولا الروح ما تحرك ولا جاء ولا ذهب . ولولا برد الماء لأحرقته نار المعدة . ولولا النور ما بصر ولا عقل . فالطين صورته ، والعظم في جسده بمنزلة الشجرة في الأرض ، والدم في جسده بمنزلة الماء في الأرض ، ولا قوام للأرض إلا بالماء ، ولا قوام لجسد الإنسان إلا بالدم , والمخ دسم الدم وزبده . فهكذا الإنسان خُلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة ، فإذا جمع الله بينهما صارت حياته في الأرض ، لأنه نزل من شأن السماء إلى الدنيا ، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت ، تَرُدُّ شأن الأخرى إلى السماء ، فالحياة في الأرض والموت في السماء ، وذلك أنه فرق بين الأرواح والجسد ، فردت الروح والنور إلى القدرة الأولى ، وترك الجسد لأنه من شأن الدنيا ، وإنما فسد الجسد في الدنيا ، لأن الريح