وقد استدل علماء الإسلام والأديان على ضرورة المعاد والحساب والمجازاة ، بالأدلة العقلية والنقلية ، منها أن كل عاقل يدرك أن المحسن والمسئ في الأقوال والأعمال ليسا سواء وأن التسوية بينهما ظلم وسفاهة . وبما أنهم لا ينالون جزاء أعمالهم في هذه الدنيا ، فلا بد من دار أخرى . قال الله تعالى : أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ . ( صاد : 28 ) . ومنها : أنا نرى أفعال الله تعالى في خلقه حكيمة ودقيقة ، وقد جهز الإنسان بقوى أوسع وأعلى من قوى الحياة الحيوانية ، فلا بد أن تقضي فالحكمة الإلهية توجب أن لا تقتصر حياة الإنسان على الحياة المادية والحيوانية . قال تعالى : أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ . ( المؤمنون : 115 ) . ومنها : الفطرة البشرية تقضي بأن حكمة الله تعالى وعدله وعزته ورحمته ، تستوجب وجود حياة أخرى تؤخذ فيها حقوق المظلومين من الظالمين . وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ . ( إبراهيم : 42 ) . ومنها : آيات القرآن العديدة ، وأحاديث النبي ( ص ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) . قال ( ص ) : ( يا بني عبد المطلب ، إن الرائد لا يكذب أهله . والذي بعثني بالحق نبياً ، لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، وما بعد الموت دار إلا جنة أو نار . وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عز وجل كخلق نفس واحدة وبعثها ) . وقال الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : ( الْحَمْدُ لِلَّه الأَوَّلِ بِلَا أَوَّلٍ كَانَ قَبْلَه ، والآخِرِ بِلَا آخِرٍ يَكُونُ بَعْدَه . . ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِه الْخَلْقَ ابْتِدَاعاً ، واخْتَرَعَهُمْ عَلَى مَشِيَّتِه