أقول : وإن شئت فارجع إلى تفسير قوله تعالى : وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ . ( الذاريات : 47 ) . والأيْدُ هنا القوة والقدرة . ثم ابحث عن نظرية تمدد الكون ، واتساعه لترى فيها ما يدهش وتسبح باسم خالقه العظيم تبارك وتعالى . ثم تدبر في وصف علي ( عليه السلام ) لخلق الله السماء والأرض ، وهو باب مدينة علم النبي ( ص ) والمفتوح له نافذة على الغيب . قال في نهج البلاغة ( 1 / 16 ) : ( أنشأ الخلق إنشاء ، وابتدأه ابتداء ، بلا روية أجالها ، ولا تجربة استفادها ، ولا حركة أحدثها ، ولا همامة نفس اضطرب فيها . أحال الأشياء لأوقاتها ، ولأم بين مختلفاتها ، وغرز غرائزها ، وألزمها أشباحها . عالماً بها قبل ابتدائها ، محيطاً بحدودها وانتهائها ، عارفاً بقرائنها وأحنائها . ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء ، وشق الأرجاء ، وسكائك الهواء . فأجرى فيها ماءً متلاطماً تياره ، متراكماً زخاره ، حمله على متن الريح العاصفة ، والزعزع القاصفة ، فأمرها برده ، وسلطها على شده ، وقرنها إلى حده . الهواء من تحتها فتيق ، والماء من فوقها دفيق . ثم أنشأ سبحانه ريحاً اعتقم مهبها وأدام مَرِّبها ، وأعصف مجراها وأبعد منشاها . فأمرها بتصفيق الماء الزخار ، وإثارة موج البحار ، فمخضته مخض السقاء ، وعصفت به عصفها بالفضاء ، ترد أوله إلى آخره ، وساجيه إلى مائره . حتى عب عبابه ، ورمى بالزبد ركامه فرفعه في هواء منفتق ، وجو منفهق ، فسوى منه سبع سماوات جعل سفلاهن موجاً مكفوفاً ، وعُلياهن سقفاً محفوظاً ، وسمكاً مرفوعاً . بغير عمد يدعمها ، ولا دسار ينظمها . ثم زينها بزينة الكواكب ، وضياء الثواقب . وأجرى فيها سراجاً مستطيراً ،