فأين تقع جنة البرزخ ، من هذه الجنات ؟ لا بد لنا من القول إنها جنة فيها نعيم ، لنص الروايات الكثيرة على ذلك وتسميتها لها بالجنة ، وأن نقول في نفس الوقت ليست جنة الخلد ، لنص الآيات والأحاديث . أما مكانها ، فلا بد أن نتذكر كَوْنَ الله الكبير الواسع الشاسع ، الذي يتسع لملايين الجنات . والمواصلات فيه محلولة بأفضل من حلول المواصلات في مدينة حديثة . ونتذكر أيضاً أن المكان عندنا ظرف واحد ، وحيٍّزٌ لا يتسع لأكثر من وجود مادي يملؤه ، أما عند الله تعالى فيختلف ، فقد يكون المكان ظرفاً لوجودين في آن واحد ، فهذا محيط أرضنا وأفقها ظرف لوجودنا نحن بني آدم ، ومعنا مواطنونا الجن يعيشون في جونا ويصعدون إلى قرب الملأ الأعلى الملائكة ، ولا نشعر بهم إلا قليلاً ! والذي أعتقده أن مدخلها من جهة غرب الأرض ، ومدخل النار من جهة شرقها كما نص على ذلك حديث في درجة عالية من الصحة ، رواه ضريس الكناسي عن الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) الذي سماه جده ( ص ) باقر علم النبوة ، رواه ثقة الإسلام الكليني ( رحمه الله ) في الكافي ( 3 / 246 ) ، قال ضريس : ( سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) أن الناس يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة ، فكيف هو وهو يقبل من المغرب ، وتصب فيه العيون والأودية ؟ قال فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) وأنا أسمع : إن لله جنة خلقها الله في المغرب ، وماء فراتكم يخرج منها ، وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء ، فتسقط على ثمارها وتأكل منها وتتنعم فيها ، وتتلاقى وتتعارف ، فإذا طلع الفجر هاجت من الجنة ، فكانت في الهواء فيما بين السماء والأرض ، تطير ذاهبة وجائية وتَعَهَّدُ حفرها ( قبور أصحابها أو مساكنها ) إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف .