إلى آخر الفروقات المتعددة والكبيرة بين البشر ، والتي تؤثر تأثيراً أساسياً على العمل ، فتجعل العمل الكبير صغيراً وبالعكس ، والسيئة من شخص حسنة من آخر ، وقد قيل : حسنات الأبرار سيئات المقربين ! وهذا يفتح مسائل عديدة في حساب البشر : فمن الذي يحدد درجة ما آتى الله هذا الشخص من قدرات عقلية ونفسية وفكرية ومادية ، ثم يقدر درجة استحقاقه للثواب والعقاب على أساسها ؟ وهل هي قوانين ولوائح يوزعها الله تعالى على قضاة محكمة المحشر ؟ أم يزود القاضي بجهاز يحدد به نوع الشخص ودرجات استحقاقه ؟ أم أن صحيفة أعماله التي سجلها الملكان في الدنيا ، تحوي جميع العناصر اللازمة للقاضي ليحدد درجة استحقاقه ؟ نعم هذا هو العدل الإلهي ، وإلا نكون نسبنا الظلم إلى الله ، عز وجل عنه . وبهذا العدل قد ينجو ذلك القسيس ، وتنجو امرأة سافرة ، ويكونا أحسن حالاً من رجل دين عاش في بلاد المسلمين ! الثالثة : الحساب على النيات وليس على ظاهر العمل وقد أجمعت عليها مصادر المسلمين ، فقد روى الطوسي في التهذيب ( 6 / 339 ) بسند صحيح : ( عن الحلبي قال : سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل مسلم وهو في ديوان هؤلاء ، وهو يحب آل محمد ( عليهم السلام ) ويخرج مع هؤلاء وفي بعثهم ، فيقتل تحت رايتهم ؟ قال : يبعثه الله على نيته . قال : وسألته عن رجل مسكين دخل معهم رجاء أن يصيب معهم شيئاً يغنيه الله به ، فمات في بعثهم ؟ قال : هو بمنزلة الأجير . إنه إنما يعطي الله العباد على نياتهم ) . وروى نحوه المحاسن : 1 / 262 .