مسيطرين على الشعوب ، وقد تعرض العالم في ظلالها إلى الاضطراب والفتن حتى فقد الأمن وتعرضت الحياة العامة إلى الهزات العنيفة ، وأشرفت غير مرة على الزوال والفناء بسبب الحروب والثورات التي لم تكن تهدف بأي حال إلى منهج أصيل سوى السيطرة على الشعوب ، والانفراد في الحكم ، والجلوس على الكراسي الناعمة . إن هذه السياسات الحديثة قد اتجهت إلى فناء الحياة وتدمير معالم الحضارة فيها فإنها قد بذلت جميع جهودها إلى تهيئة وسائل الحرب بالآلات المبيدة والمدمرة للكون ، لا يهمها في سبيل التغلب أن تزهق ملايين الأنفس وتخرب البلاد ، وتنعدم وسائل الحياة . إن ما يبذل من الأموال الطائلة في سبيل التسلح ، وفي صنع القنابل الذرية والهيدروجينية لو انفق بعضه على الشعوب لازدهرت حياتها ، وما كان في ربوعها إنسان بائس يشكو الجوع والحرمان ، وقد أدلى بذلك إيزنهاور في إحدى خطبه التي وجهها إلى محرري الصحف في بلاده وذلك في 16 ابريل سنة ، 1953 يقول : " إن كل بندقية تصنع ، وكل سفينة بحرية تنزل إلى المياه ، وكل صاروخ يطلق سرقة صارخة لأقوات الذين يعضهم الجوع بنابه ، وهم محرومون من الطعام والكساء ، الذين لا يجدون أجر يومهم ليستطيعوا أن يتقوا من العرى ، وإن هذا العالم الذي يتسلح بعنف اليوم لا يبدد المال العزيز فقط بل يبعثر ثمرات عرق جبين العمال ، وعبقرية العلماء والباحثين ، وآمال الأجيال المقبلة وإن نفقات إنتاج إحدى قاذفات القنابل الضخمة هي نفقات مدرسة تبنى على أحسن طراز من الحجر لمدينة عدد سكانها ثلاثون ألف نسمة " .