التي آمن بها الناس منذ أقم عصورهم ، وهي في نفس الوقت تخطط للعالم سياسة الارهاق وسياسة الخوف والعبودية ، وتنهج له حكما ديكتاتوريا لا بصيص فيه من النور والرحمة والعدل . إن النظام الرأسمالي والنظام الشيوعي لم يحفلا بأي قيمة من القيم الإنسانية ولا بأي جانب من الجوانب الأخلاقية ، قد عني كل منهما بالجانب المادي للإنسان ، وأهملا كل ناحية تتعلق برفع مستوى الأخلاق وتهذيب النفوس وتغذيتها بالفضائل والكمال . إن الإنسان في جميع مراحل التاريخ والأزمان على هيئته التي خلقه الله عليها لم تتغير فطرته ، ولا طباعه ولا نزعاته ، ولا تأثيره وتأثره بالمثل الروحية فقد قدم المزيد من الضحايا والقرابين في سبيلها . إن الإيمان بالقيم الروحية له جذوره العميقة التي تمتد في داخل النفس وهو متأصل مع الطبيعة وإذا تخلت عنه النفس فإنها تشعر بفراغ كبير ، وقد قرر الإسلام تأصل الإيمان بالنفس ، وإنه من الخصائص الذاتية فيها ، قال تعالى : " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون " [1] إن الدين شأن من شؤون القلب وشأن من شؤون الحياة التي نحياها وليس من الممكن أن يخلع الإنسان عن نفسه الإيمان بالمثل العليا التي أعلنها الدين فإنه بذلك يفقد إنسانيته ، ولا يكون أي فرق بينه وبين الحيوان السائم ، ويستحيل أن ينصاع إلى مثل هذا الواقع المنخفض . . . إن هذه الأنظمة الحديثة لما انحرفت عن جميع الوسائل الخيرة لم تتمكن على إحلال مشاكل العالم ، ولا على جعل الأمن والسلام