إلا للزيارة والسلام والدعاء " . ( 1 ) أما الرقص والغناء وغير ذلك من الحرمات ، فهي من الأمور الممنوع عنها من الأساس فلا يبقى مجال للإشكال بها ، حسبما ورد في كلام ابن الحاج وابن تيمية . . . وأما قوله ( ص ) : وصلوا علي حيث ما كنتم ، فهو بيان لأمر ثالث آخر ، وهو : أن الصلاة على النبي ( ص ) لا يجب أن يراعى فيها الحضور عنده ، بل هي تصله عن بعد ، كما تصله عن قرب . وأما احتمال : أن يكون المعنى لقوله : لا تتخذوا قبري عيدا . . لا تتخذوا له وقتا مخصوصا ( 2 ) ، فهو بعيد عن مساق الكلام ، وعن ظاهره ، بل يكون أشبه بالأحاجي والألغاز ، كما ذكره البعض . ( 3 ) وبعد كل ما تقدم ، وبعد أن كان الظاهر من العبارة هو المعنى الذي أشرنا إليه ، مع احتمال أن يكون كلام المنذري أيضا مرادا . . فلا تبقى الرواية صالحة للاستدلال بها على المنع من الاجتماعات ، وإقامة الموالد والذكريات والدعاء والزيارة في أوقات معينة ، كما يريد ابن تيمية وأتباعه إثباته . . إذ يكفي لرد الاستدلال ورود الاحتمال العقلائي فيه ، فكيف إذا كان هذا الاحتمال من القوة بحيث يصير صالحا لأن يدعى أنه هو الظاهر من الرواية دون سواه ؟ ولو سلمنا : أن احتمال إرادة المنع عن الموالد والذكريات والاجتماعات وارد في الرواية ، فإنها لا أقل تصير مجملة لا ظهور فيها ، فتسقط عن صلاحيتها للاستدلال بها . . . هاذ كله . . . بالإضافة إلى أن الرواية خاصة بالتجمع عند القبور ، فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى غيرها من المواضع ، ولعل لقبر النبي ( ص ) خصوصية في المقام ، وهي : أنه يمكن أن يؤدي بهم الأمر إلى نحو من العبادة له ، فمنع الشارع من التجمع عنده احتياطا لذلك بخلاف قبر غيره ( ص ) ، فإن احتمال ذلك أبعد . .