نام کتاب : المسلك في أصول الدين نویسنده : المحقق الحلي جلد : 1 صفحه : 67
في الآخرة أدركه . لأنا نقول : لو كان الإدراك معنى يدرك به ، لوقف الإدراك على حصوله ، لكن ذلك محال ، لأنه كان يلزم حصول الشرائط المعتبرة في الإدراك وحصول المقتضي لكون المدرك مدركا ثم لا يحصل الإدراك ، لكن لو جاز ذلك لجاز أن يكون بين أيدينا من الجبال العالية والأنهار الجارية ما لا ندركه وإن كنا أحياء ، وحواسنا صحيحة ، والموانع مرتفعة . لا يقال : لم لا يجوز أن يكون الله أجرى العادة بفعل ذلك عند حصول هذه الشرائط ! لأنا نقول : نعلم انتفاء ذلك علما بديهيا لا بحسب العادة ، ولو طرقنا هذا الاحتمال إلى الضروريات لم يبق وثوق بشئ منها إذ لا سبيل إلى الفرق بين العاديات والبديهيات إلا الجزم بالبديهيات جزما مطلقا عن الالتفات إلى العادة ، وأما العاديات ، فالعقل يجوز انخراقها بالإمكان ، وجوب استمرارها باعتبار العادة ، وما أشرنا إليه لو كان عاديا لكان العقل يقضي بالاحتمال فيه ، لكن الاحتمال منفي قطعا . والله أعلم . وأما المنقول فوجوه : الأول : قوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) . [57] وجه الاستدلال أنه تمدح بنفي الرؤية ، وكل صفة تمدح بنفيها فإثباتها نقص . أما التمدح فلأن ذلك ورود بين مدحين في أول الآية وآخرها [58] ، ومن البين قبح إدخال ما ليس بمدح بين مدحين ، وإنما قلنا إنه يفيد نفي الرؤية ، لأن الإدراك إذا قرن بالبصر أفاد الرؤية ، ضرورة أنه لا يجوز سلب الرؤية معه ،
[57] سورة الأنعام ، الآية : 103 . [58] ( ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل * لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) سورة الأنعام 102 - 103 .
67
نام کتاب : المسلك في أصول الدين نویسنده : المحقق الحلي جلد : 1 صفحه : 67