السبيل لمختلف ألوان النشاط الاقتصادي تبعا لقدرته وهواه . الحرية في المجال الشخصي : حرصت الحضارة الغربية الحديثة على : توفير أكبر نصيب ممكن من الحرية لكل فرد في سلوكه الخاص ، وهو القدر الذي لا يتعارض مع حريات الآخرين ، فلا تنتهي حرية كل فرد إلا حيث تبدأ حريات الأفراد الآخرين . وليس من المهم لديها _ بعد توفير هذه الحرية لجميع الأفراد _ طريقة استعمالهم لها ، والنتائج التي تتمخض عنها ، وردود الفعل النفسية والفكرية لها . . ما دام كل فرد حرا في تصرفاته وسلوكه ، وقادرا على تنفيذ ارادته في مجالاته الخاصة . فالمخمور مثلا لا حرج عليه ان يشرب ما شاء من الخمر ، ويضحي بآخر ذرة من وعيه وادراكه ، لأن من حقه ان يتمتع بهذه الحرية في سلوكه الخاص ، ما لم يعترض هذا المخمور طريق الآخرين ، أو يصبح خطرا على حياتهم بوجه من الوجوه . وقد سكرت الإنسانية على أنغام هذه الحرية ، وأغفت في ظلالها برهة من الزمن ، وهي تشعر لأول مرة أنها حطمت كل القيود وان هذا العملاق المكبوت في أعماقها آلاف السنين قد انطلق لأول مرة ، وأتيح له ان يعمل كما يشاء في النور ، دون خوف أو قلق . ولكن لم يدم هذا الحلم اللذيذ طويلا ، فقد بدأت الإنسانية تستيقظ ببطء ، وتدرك بصورة تدريجية ، ولكنها مرعبة : ان هذه الحرية ربطتها بقيود هائلة ، وقضت على آمالها في الانطلاق الإنساني الحر ، لأنها وجدت نفسها مدفوعة في عربة تسير باتجاه محدد ، لا تملك له تغييرا ولا تطويرا ، وانما كل سلوتها وعزائها _ وهي تطالع مصيرها في طريقها المحدد _ ان هناك من قال لها : ان هذه