responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدرسة الإسلامية نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 88


وأخذ الإنسان الغربي عبر تلك الثورات الفكرية المتعاقبة ينظر إلى الكون بمنظار جديد ، والى التراث الفكري الذي خلفته له الإنسانية منذ فجر التاريخ نظرات شك وارتياب . لأنه بدأ يحسن ان عالم ( كوبر نيكوس ) الذي برهن على أن الأرض ليست إلا أحد توابع الشمس ، يختلف كل الاختلاف عن العالم التقليدي الذي كان يحدثنا عنه ( بطليموس ) ، وان الطبيعة التي بدأت تكشف عن اسرارها لجاليليو وأمثاله من العلماء ، شئ جديد بالنسبة إلى الصورة التي ورثها عن القديسين والمفكرين السابقين أمثال القديس توماس الأكويني ودانتي وغيرهما . وهكذا ألقى فجأة وبيد مرعوبة كل بديهياته بالأمس ، وأخذ يحاول الخلاص من الإطار الذي عاش فيه آلاف السنين .
ولم يقف الشك في موجه الثوري الصاعد عند حد ، بل اكتسح في ثورته كل القيم والمفاهيم التي تواضعت عليها الإنسانية وكانت تعتمد عليها في ضبط السلوك وتنظيم الصلات . فما دام الكون الجديد يناقض المفهوم القديم عن العالم ، وما دام الإنسان ينظر إلى واقعه ومحيطه من زاوية العلم لا الأساطير فلا بد ان يعاد النظر من جديد في المفهوم الديني ، الذي يحدد صلة الإنسان والكون بما وراء الغيب ، وبالتالي في كل الأهداف والمثل التي عاشها الإنسان ، قبل أن تتبلور نظرته الجديدة إلى نفسه وكونه .
وعلى هذا الأساس واجه دين الإنسان الغربي محنة الشك الحديث ، وهو لا يرتكز إلا على رصيد عاطفي ، بدأ ينضب بسبب من طغيان الكنيسة وجبروتها . فكان من الطبيعي أيضا أن تذوب في أعقاب هذه الهزيمة كل القواعد الخلقية ، والقيم والمثل التي كانت تحدد من سلوك الإنسان ، وتخفف من غلوائه . لأن الأخلاق مرتبطة بالدين في حياة الإنسانية كلها ، فإذا فقدت رصيدها الديني الذي يمدها بالقيمة الحقيقية ، ويربطها بعالم الغيب وعالم الجزاء أصبحت خواء وضريبة

88

نام کتاب : المدرسة الإسلامية نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست