سيطرة وكل عبودية أخرى لأن هذه العبودية في معناها الرفيع تشعره بأنه يقف وسائر القوى الأخرى التي يعايشها على صعيد واحد ، أمام رب واحد فليس من حق أي قوة في الكون أن تتصرف في مصيره ، وتتحكم في وجوده وحياته . والحرية في مفاهيم الحضارة الرأسمالية حق طبيعي للإنسان وللإنسان أن يتنازل عن حقه متى شاء ، وليست كذلك في مفهومها الإسلامي ، لأن الحرية في الإسلام ترتبط ارتباطا أساسيا بالعبودية لله ، فلا يسمح الإسلام للإنسان أن يستذل ويستكين ويتنازل عن حريته لا تكن عبدا لغيرك وقد خلقك الله حرا . فالإنسان مسؤول عن حريته في الإسلام وليست الحرية حالة من حالات انعدام المسؤولية . هذا هو الفرق بين الحريتين في ملامح هما العامة وسنبدأ الآن بشئ من التوضيح : الحرية في الحضارة الرأسمالية : نشأت الحرية في الحضارة الرأسمالية تحت ظلال الشك الجارف المرير ، الذي سيطر على تيارات التفكير الأوروبي كافة نتيجة للثورات الفكرية التي تعاقبت في فجر تاريخ أوروبا الحديثة ، وزلزلت دعائم العقلية الغربية كلها . فقد بدأت أصنام التفكير الأوروبي تتهاوى الواحد تلو الآخر بسبب الفتوحات الثورية في دنيا العلم ، التي طلعت على الإنسان الغربي بمفاهيم جديدة عن الكون والحياة ، ونظريات تناقض كل المناقضة بديهياته بالأمس ، التي كانت تشكل حجر الزاوية في كيانه الفكري وحياته العقلية والدينية .