لا تعترف بامكان انبثاق النظام إلا عن عقل بشري محدود . فالنظام الرأسمالي مادي بكل ما للفظ من معنى ، فهو اما أن يكون قد استبطن المادية ، ولم يجرؤ على الاعلان عن ربطه بها وارتكازه عليها . واما ان يكون جاهلا بمدى الربط الطبيعي ، بين المسألة الواقعية للحياة ومسألتها الاجتماعية . وعلى هذا فهو يفقد الفلسفة ، التي لا بد لكل نظام اجتماعي أن يرتكز عليها . وهو _ بكلمة _ : نظام مادي ، وان لم يكن مقاما على فلسفة مادية واضحة الخطوط . موضع الأخلاق من الرأسمالية : وكان من جراء هذه المادية التي زخر النظام بروحها : أن أقصيت الأخلاق من الحساب ، ولم يلحظ لها وجود في ذلك النظام أو بالأحرى تبدلت مفاهيمها ومقاييسها ، وأعلنت المصلحة الشخصية كهدف أعلى ، والحريات جميعا كوسيلة لتحقيق تلك المصلحة . فنشأ عن ذلك أكثر ما ضج به العالم الحديث من محن وكوارث ، ومآسي ومصائب . وقد يدافع أنصار الديمقراطية الرأسمالية ، عن وجهة نظرها في الفرد ومصالحه الشخصية قائلين : أن الهدف الشخصي بنفسه يحقق المصلحة الاجتماعية ، وان النتائج التي تحققها الأخلاق بقيمها الروحية تحقق في المجتمع الديمقراطي الرأسمالي ، لكن لا عن طريق الأخلاق بل عن طريق الدوافع الخاصة وخدمتها . فان الإنسان حين يقوم بخدمة اجتماعية يحقق بذلك مصلحة شخصية أيضا ، باعتباره جزءا للمجتمع الذي سعى في سبيله وحين ينقذ حياة شخص تعرضت للخطر فقد أفاد نفسه أيضا لان حياة الشخص سوف تقوم بخدمة للهيئة الاجتماعية فيعود عليه نصيب منها ، واذن فالدافع الشخصي والحس النفعي