في طائفة من الأفكار كانت تعد من أوضح الحقائق وأكثرها صحة [1] وبروح التمرد والسخط على الدين المزعوم ، الذي كان يجمد الأفكار والعقول ، ويتملق للظلم والجبروت ، وينتصر للفساد الاجتماعي في كل معركة يخوضها مع الضعفاء والمضطهدين [2] . فهذه العوامل الثلاثة ساعدت على بعث المادية في كثير من العقليات الغربية . . . كل هذا صحيح ، ولكن النظام الرأسمالي لم يركز على فهم فلسفي مادي للحياة ، وهذا هو التناقض والعجز ، فان المسألة الاجتماعية للحياة ، تتصل بواقع الحياة ، ولا تتبلور في شكل صحيح إلا إذا أقيمت على قاعدة مركزية تشرح الحياة وواقعها وحدودها والنظام الرأسمالي يفقد هذه القاعدة ، فهو ينطوي على
[1] فان جملة من العقائد العامة كانت في درجة عالية من الوضوح والبداهة في النظر العام ، مع أنها لم تكن قائمة على أساس من منطق عقلي أو دليل فلسفي ، كالإيمان بأن الأرض مركز العالم . فلما انهارت هذه العقائد في ظل التجارب الصحيحة ، تزعزع الإيمان العام ، وسيطرت موجة من الشك على كثير من الأذهان ، فبعثت السلطة اليونانية من جديد متأثرة بروح الشك ، كما تأثرت في العهد اليوناني بروح الشك الذي تولد من تناقض المذاهب الفلسفية وشدة الجدل بينها . [2] فإن الكنيسة لعبت دورا هاما في استغلالا الدين استغلال شنيعا وجعل اسمه أداة لمأربها وأغراضها وخنق الأنفاس العلمية والاجتماعية ، وأقامت محاكم التفتيش ، وأعطت لها الصلاحيات الواسعة للتصرف في المقدرات ، حتى تولد عن ذلك كله التبرم بالدين والسخط عليه ، لان الجريمة ارتكبت باسمه مع أنه في واقعه المصفى وجوهره الصحيح لا يقل عن أولئك الساخطين والمبرمين ضيقا بتلك الجريمة واستقطاعا لدوافعها ونتائجها . ( مؤلف قدس سره )