علمية مستمدة من الملاحظة والتجربة . وأما في الميدان الاجتماعي : فقد تكون العقل الغربي الحديث على أساس المذاهب النظرية ، لا الأفكار العلمية . فهو ينادي مثلا : بحقوق الإنسان العامة ، التي أعلنها في ثورته الاجتماعية ، ومن الواضح ان فكرة الحق نفسها ليست فكرة علمية ، لأن حق الإنسان في الحرية مثلا ليس شيئا ماديا قابلا للقياس والتجربة ، فهو خارج عن نطاق البحث العلمي ، وانما الحاجة هي الظاهرة المادية التي يمكن أن تدرس علميا . وإذا لاحظنا مبدأ المساواة بين أفراد المجتمع ، الذي يعتبر _ من الوجهة النظرية _ أحد المبادئ الأساسية للحياة الاجتماعية الحديثة . . فإننا نجد أن هذا المبدأ لم يستنتج بشكل علمي من التجربة والملاحظة الدقيقة ، لأن الناس في مقاييس العلم ليسوا متساوين ، إلا في صفة الإنسانية العامة ، ثم هم مختلفون بعد ذلك في مزاياهم الطبيعية والفسيولوجية والنفسية والعقلية ، وانما يعبر مبدأ المساواة عن قيمة خلقية هي من مدلولات العقل لا من مدلولات التجربة . وهكذا نستطيع بوضوح : ان نميز بين طابع النظام الاجتماعي في الحضارة الغربية الحديثة ، وبين الطابع العلمي . وندرك أن الاتجاه العلمي في التفكير الذي برعت فيه أوروبا الحديثة . . لم يشمل حقل التنظيم الاجتماعي ، وليس هو الأساس الذي استنبطت منه أوروبا أنظمتها ومبادئها الاجتماعية ، في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع . ونحن بهذا إنما نقرر الحقيقة ، ولسنا نريد أن نعيب على الحضارة الغربية اهمالها لقيمة المعرفة العلمية ، في مجال التنظيم الاجتماعي أو نؤاخذها على عدم إقامة هذا النظام على أساس التجارب العلمية الطبيعية ، فان هذه التجارب العلمية لا تصلح لأن تكون أساسا للتنظيم الاجتماعي . صحيح أن حاجات الإنسان يمكن إخضاعها للتجربة في كثير من الأحايين ، وكذلك أساليب إشباعها . . ولكن المسألة الأساسية في النظام الاجتماعي