إطارها الغربي الخاص . فان الإسلام كما يختلف عن الحضارة الغربية في مفهومه عن الحرية الشخصية _ كما عرفنا قبل لحظة _ كذلك يختلف عنها في مفهومه عن الحرية السياسية والاقتصادية والفكرية . فالمدلول الغربي للحرية السياسية يعبر عن الفكرة الأساسية في الحضارة الغربية القائلة : ان الإنسان يملك نفسه ، وليس لأحد التحكم فيه . فان الحرية السياسية كانت نتيجة لتطبيق تلك الفكرة الأساسية على الحقل السياسي ، فما دام شكل الحياة الاجتماعية ولونها وقوانينها يمس جميع أفراد المجتمع مباشرة فلابد للجميع ان يشتركوا في عملية البناء الاجتماعي بالشكل الذي يحلو لهم ، وليس لفرد ان يفرض على آخر ما لا يرتضيه ، ويخضعه بالقوة لنظام لا يقبله . وتبدأ الحرية السياسية تتناقض مع الفكرة الأساسية منذ تواجه واقع الحياة ، لأن من طبيعة المجتمع ان تتعدد فيه وجهات النظر وتختلف ، والاخذ بوجهة نظر البعض يعني سلب الآخرين حقهم في امتلاك ارادتهم والسيطرة على مصيرهم . ومن هنا جاء مبدأ الأخذ برأي الأكثرية ، بوصفه توفيقا بين الفكرة الأساسية والحرية السياسية . ولكنه توفيق ناقص : لأن الأقلية تتمتع بحقها في الحرية وامتلاك ارادتها كالأكثرية تماما ، ومبدأ الأكثرية يحرمها من استعمال هذا الحق فلا يعدو مبدأ الأكثرية ان يكون نظاما تستبد فيه فئة بمقدرات فئة أخرى ، مع فارق كمي بين الفئتين . ولا ننكر ان مبدأ الأكثرية قد يكون بنفسه من المبادئ التي يتفق عليها الجميع ، فتحرص الأقلية على تنفيذ رأي الأكثرية باعتباره الرأي الأكثر أنصارا ، وان كانت في نفس الوقت تؤمن بوجهة رأي أخرى ، وتعمل لكسب الأكثرية إلى جانبه . ولكن هذا فرض لا يمكن الاعتراف بصحته في كل المجتمعات ، فهناك توجد كثيرا الأقليات التي لا ترضى عن رأيها بديلا ، ولو تعارض ذلك مع رأي