< فهرس الموضوعات > 13 : - خدمة النعمان للمنصور قديمة < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > 14 : - مرض المنصور وجزع النعمان عليه < / فهرس الموضوعات > القائم صلوات اللَّه عليه [1] ، استقضاني قبل أن يظهر أمره [2] وكنت أوّل من استقضاه من قضاته وأعلى ذكري ورفع قدري ، وأنعم عليّ من النعم بما لو أخذت في وصفه لقطع بطوله ما أردت ذكره . فلم تكن قبله عليّ نعمة أعظم من نعمته مع الذي افترض اللَّه عزّ وجلّ عليّ من معرفة حقّه ومودّته . فلم يكن في أيّامه أحد أعزّ عليّ منه ولا أعظم قدرا ولا أجل في قلبي خطرا . وكنت إذا تمنّيت كان أفضل ما أتمنّاه أن أموت في أيّامه وعلى رضاه . 14 - فلمّا اعتلّ صلوات اللَّه عليه / العلَّة التي قبض فيها [3] تداخلني لذلك ذعر شديد وخوف عظيم . وكان المعزّ لدين اللَّه صلوات اللَّه عليه في أيّامه سببي إليه ، ومعوّلي في جميع أموري عنده عليه ، وكنت ألقاه ، والمنصور على علَّته [4] ، فأسأله عنه فيذكر من صلاح حاله ما أسكن إليه . ثمّ استأذن لي يوما في جماعة من الأولياء فأدخلني عليه ، فرأيته شديد العلَّة ضعيفا ، فما خرجت من بين يديه حتّى كاد قلبي يذوب وجعلت ألقى المعزّ ( صلع ) فأسأله عن حاله فيذكر أنّه صالح الحال ، وأنا أرى في وجهه صلوات اللَّه عليه من أثر الغمّ ما غيّره وأحاله عمّا كان عليه من الإشراق والنّضارة ، وأرى كلّ / يوم ذلك يزيد به ، والغمّ بذلك يتضاعف عليّ حتى رأيت من حال المعز لدين اللَّه صلوات اللَّه عليه ما أربى غمّي به على غمّي بما كنت أتوقّعه في المنصور صلَّى اللَّه عليه وآله . ثمّ خرج في اليوم الذي قبض فيه ، ولا علم لي بذلك فلقيته بحسب ما كنت ألقاه ، ورأيت ظاهر حاله أصلح ممّا كنت أراه ، فسررت بذلك ثمّ سألته سؤال مستبشر عن المنصور قدّس اللَّه روحه ، فقال لي : يا نعمان ، إذا كانت هذه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض والجبال زائلة ذاهبة فانية ، فما ظنّك بما دونها من هذا البشر ؟ كلّ نفس ذائقة الموت [5] كما قال اللَّه جلّ ذكره :
[1] مات القائم في 13 شوال 334 / ماي 946 . [2] أي قبل أن يعلن رسميا عن وفاة القائم وارتقاء المنصور الخلافة . وقد كتم الخبر « إلى سنة 336 ، فأظهر / المنصور / موت أبيه بعد أن ظفر بأبي يزيد » ( المقريزي . اتعاظ الحنفاء ، ص 131 ) . [3] اعتل المنصور في شهر رمضان 341 ، وتوفي في أواخر شوال ولم يعلن عن وفاته الا في 7 ذي الحجة ( اتعاظ ، ص 129 ) . [4] في الأصل : على علة . [5] آل عمران ، 185 .