الرجل : ولم أكن قطَّ رأيت ألف دينار مجتمعا فلمّا رأيت ما بين يديّ من الأموال تعاظمت أمرها . فقال لي : أتدري لماذا بعثت إليك ؟ قلت : لا . قال : هذه الأموال عندي وهي أكثر ما قدرت عليه - وذكر لي مبلغها - وإنّما نخاف أن يستقلَّها مولانا ( عم ) . قال الرجل ، وكان من أهل ذلك البلد : فلمّا قال ذلك خشيت إن بعث [1] بذلك المال كلَّه أن يصير قانونا مقطوعا على البلد ، فلا يقوم أهله به ، فقلت : أيّدك اللَّه ، إنّ هذا مال عظيم لم يخرج قطَّ مثله من هذا البلد ، فإن أنت بعثت به كلَّه دفعة واحدة أجحفت بنفسك ولم تأمن من أمر يحدث عليك / تحتاج فيه إلى المال ، فلا يكون عندك منه شيء ، فلا يتهيّأ لك فيما يستقبل مثل هذا . فإن قصّرت دونه كنت قد تعرّضت للقول فيك . وفي بعض [2] هذا المال ما يستكثر لك لأنّه لم يكن يحمل أحد من العمّال قبلك بعضه ، فاقتصر منه على ضعفي ما حمله من كان قبلك [3] ، فإنّ ذلك [ م ] مّا يعرف فيه فضلك وتوفيرك ، ودع الباقي عندك لما عسى أن ينوبك وتحتاج إليه وتوفّر به ما تبعث به بعد اليوم إن نقص [4] المال في يديك . ( قال ) فرأيته تغيّر لكلامي وأطرق ساعة ثم رفع رأسه إليّ مغضبا فقال : أما واللَّه لولا علمي بنصيحتك ومودّتك لقلت إنّك أردت بي سوءا / ولعاقبتك عقوبة مثلك ، ولكنّي لا أشكّ في أنّك لم ترد إلَّا خيرا ، ولكن ربّما أراد الإنسان الخير فأخطأ . أفكنت ترى لي أن أخون مولانا ( عم ) وأحتبس ماله ، وأكذبه فيما أبعث به إليه ، فأقول : هذا ما اجتمع لي ؟ فأين عهده في عنقي وأين فضله عليّ وأين إحسانه إليّ ، وما رجاه من نصيحتي وأمانتي ؟ واللَّه لا أدع منه حبّة واحدة إلَّا بعثت بها ، فإن احتجت إلى شيء طالعت مولانا بحاجتي ، وأرجو
[1] في النسختين : بعثت . [2] ب : نقص من : هذا . فان إلى : وفي بعض [3] زيادة في ب : لا بعضه فاقتصر منه على . وقد تكون تكرارا لما في السطر السابق . [4] ب : أن تقبض .