المعنى عنه قوّمني على المعنى وردّني / إليه ، فأصلحته عنه وصفح لي ( صلع ) عمّا لم أستطعه من حكاية لفظه بحقيقته ، فصار ما أثبتّه في هذا الكتاب كأنّه هو لفظه وإن لم يكن هو بحقيقته لما أجازه على المعنى وسقط عنه تهمة التحريف والإحالة ، وإن سقطت منه فضيلة الفصاحة والجزالة ، ومعجز الألفاظ في المقالة . ولكنّه صار بذلك من أصدق الحديث وأصحّ النّقل . وزالت عنه به التّهمة ووجب له به الفضل . فرفعت يوما إليه ( صلع ) منه جزءا فقرأه حتّى أتى على آخره ، وأوقفني على أشياء منه فأصلحتها على ما أمر به أدام اللَّه علوّ أمره ، وصرفه إليّ ، فجعلت أعتذر في التّقصير وإسقاط الكثير ، وأنّي إنّما أثبتّ / عنه ( صلع ) بعض ما يعطيه الحفظ . والذي أسقطه النّسيان ، لما عليه من الغفلة طبع الإنسان ، أكثر من ذلك . فقال : وإن كان ذلك يا نعمان ، فإنّ اللَّه يجزيك بنيّتك ولا يؤاخذك بنسيانك . وواللَّه ما جمع عن آبائنا قبلك أحد مثل هذا من جمعك وإنّه لكتاب قلَّما يكون مثله من الكتب وإنّ فيه لحياة * ( « لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ [1] » ) * . يقول ذلك ( صلع ) وفي المجلس جماعة ممّن قد سمع أكثر ما أثبتّ وعامّة ما نقلت ، ومرّ عليهم صفحا . ولمّا سمعوا ذلك منه ( صلع ) وهم لا يدرون ما في الكتاب ، جعل بعضهم يسأله انتساخه وبعضهم يسألني ذلك ، وأظهروا فيه رغبة عظيمة . فقال ( عم ) : يعطاه من يستحقّه إن شاء اللَّه / . ونظر إليّ وتبسّم كالمخبر عن غفلة أكثر النّاس عن الفوائد ومرور الحكمة عليهم صفحا ، لأنّهم لو أرادوا أن يجمعوا من ذلك ما جمعت ووفّقوا لذلك لأمكنهم ، ولكان ذلك ممّا يسرّني لنفسي ولهم ، لأنّي كنت أستزيد من ذلك كثيرا ممّا يحضرونه وأغيب عنه ، لما أنا من الشغل بسبيله . وقوله ( صلع ) : يجزيك اللَّه بنيّتك ولا يؤاخذك بنسيانك ، كقول جدّه رسول اللَّه ( صلع ) : إنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى [2] ، وقوله ( ص ) :
[1] تضمين جزئي للآية « إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ » ( ق ، 37 ) . [2] جاء في « أ » بافراد « النية » . وفي الدعائم 1 : 158 بسند جعفر بن محمد ( ص ) عن أبيه ، عن آبائه عن علي ( ص ) أن رسول اللَّه ( صلع ) قال : « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى » وسقط من النص لفظ « كل » . انظره تاما بفهرس الحديث صفحة 423 من الدعائم . وذكر الحديث أيضا عند البخاري ( ج 1 ص 21 ) وابن مساجة ( ص 1413 رقم 4227 ) والنسائي ( ج 7 ص 13 ) ، وكذلك في الكافي للكليني ( ج 2 ص 84 رقم 1 ) .