< فهرس الموضوعات > - مراكب أندلسيّة أغزاها الناصر إفريقيّة فعطبت < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > - غزوة مظفّرة على جزيرة كرسيكا < / فهرس الموضوعات > قال المعزّ لدين اللَّه صلوات اللَّه عليه : والكاتب بذلك إليهم لم يقل عنّا إنا أبحنا ذلك ولا أجزناه ، وإنّما أخبر عن عقوبة اللَّه لهم بما فعلوه . وأمّا نحن ، فلو ظفرنا بهم ، لما حكمنا فيهم إلَّا بالقتل أو المنّ أو ما يجب في أمثالهم في الحكم .
ثمّ قال ( صلع ) : وما حجزهم عن الملك والسّبي إلَّا ظاهر الشهادة ، فأمّا أعمالهم فأعمال أهل الشّرك . وإذا كان اللَّه عزّ وجلّ قد أحلّ بهم من البؤس والعقوبة ما عسى أنّا لو كنّا / ظفرنا بهم لم نفعله فيهم ، فذلك أشفى لقلوبنا وأبلغ في نعمة اللَّه وفضله علينا . فجعل معرفتنا بنعمة اللَّه علينا في هلاك عدوّنا ومن قصد بالمكروه إلينا ، وذكرنا ما أحلَّه اللَّه به ، عيبا علينا .
( قال ) ثمّ ذكر هو في كتابه هذا أنّا لمّا أخرجنا أسطولنا إلى المريّة وأحرقنا مراكبه ووطئنا بلده أنّ اللَّه لم يتمّ ذلك لنا لأنّا أخرجنا مع ذلك أسطولا إلى غزوة الروم بقرشقة [1] فلم نظفر بشيء وانصرف أهل أسطولنا خائبين وأوقع ببعضهم المشركون .
قال المعزّ عليه السلام : وهذا ممّا ذكرناه من تناقض كتابه وأنّه لو صرف إليه لكان جوابا له ، وهو هاهنا يبكَّتنا بأن ذكَّرنا نعمة اللَّه علينا / في دفاعه عنّا من أرسله مادّة [2] علينا وأنّه أحلّ بهم النّقمة والبؤس دوننا ، فهو ها هنا يعتدّ ويسرّ بأنّ المشركين حموا أنفسهم منّا وأصابوا من المسلمين ما هو فيه مع الكاذبين . بل وطئنا بلدهم وقتلنا منهم وأجليناهم وانصرف رجالنا سالمين بحمد اللَّه ربّ العالمين . فجمع إلى الكذب المسرّة بخلاص المشركين ونكبة المسلمين ، وهذا هو اعتقاده قد أبداه اللَّه على لسانه وأظهر ترجمته مع التغاير في كتابه الذي لا يجوز على كثير من المجانين مثله أن ينتقد علينا ما لا ينتقد ويأتي بمثل المعنى الذي نحلنا إيّاه وبأعظم منه .

[1] لعلها جزيرة كرسيكا Corse المعروفة في خليج جنوة شمالي جزيرة سردانيا . هذا وقد ذهب فرحات الدشراوي ( افتتاح الدعوة ص 331 من المتن وص 139 من التحليل بالفرنسية ) إلى أن « قرقيسا » أو « قرقيسيا » الواردة عند ابن الأثير وابن خلدون في الحديث عن غزوات القائم ، قد تعني خليج Gascogne على المحيط الأطلسي ، وهو أمر بعيد مستبعد ، فالمقريزي في الاتعاظ ( ص 108 ) حصر هذه الغزوات في البحر الأبيض المتوسط . ومهما يكن من أمر ، فان ملاحظة الناصر هنا تدل على أن المعز واصل غزوات جده القائم على جزر الروم .
[2] هكذا في الأصل . وفي اللسان : المادة كل شيء يكون مددا لغيره .

195