عليه ، ولا يدعوه إلى ذلك إلَّا أنّه يعلم أنّه إن احتبس ما دفع إليه وأنكره ، تناذره الناس فلم يستعملوه فيرى أنّ ما يأخذه من الأجر شيئا بعد شيء أجرى عليه وأنفع له . وأنتم تصيبون من فضل وليّ اللَّه ما إن استدمتموه بحفظ ما استحفظكم ، دام لكم مع حسن / الأحدوثة فيكم ورجاء الزيادة لكم وما ترجون من ثواب ربّكم . فمن سمع من أولياء اللَّه مثل ما قدّمت ذكره فلينزّله على ما نزّلته ولا يذهب به إلى حيث ذهب من نطق الكتاب بذمّه وبيّن اللَّه عليه [1] فساد ما توهّمه وذهب إليه ، واللَّه يهدي من تمسّك بحبل أوليائه إلى طاعته وطاعتهم ، والعمل بما يرضيه ويرضيهم قولا وعملا ونيّة وموافقة للصّواب إن شاء اللَّه تعالى . 4 - ولمّا استقضاني المنصور باللَّه ( ص ) [ صحبته ] يوما وقد خرج إلى بستان لكنية [2] ووقف به . فمثلت بين يديه فتحدّث بحديث طويل في فنون كثيرة ثم نظر إلى بعض / رجاله فقال : كيف الحديث الذي كنت حدّثتني عن فلان ؟ فذكر حديثا فيه كذب شنيع ثم نظر إليّ ، فقال : وهذا الرجل معروف بالكذب الشنيع ولقد بلغ القائم بأمر اللَّه عليه السلام أمره ، فعجب ممّا يتهيّأ له من ذلك وينطاع . ثم قال لي : شهد هذا المعروف بالكذب عند فلان - يعني بعض القضاة - بشهادة في اعتراف بغل ، فأرسل ذلك القاضي إلى هذا - يعني الرجل الذي حدّث عنه بالكذب - يكشفه عن حاله ويخبره فيما يشهد فيه فأرسل إليه : هو عندنا عدل في بغل . وتبسّم المعزّ لدين اللَّه عليه السلام / . ثم قال : فأجاز القاضي شهادته تلك . أفرأيت أعجب من هذا ؟ فلمّا سمعت ذلك منه عليه السلام ، ذكرت قول من قال في قصص اللَّه عزّ وجلّ في كتابه : أمر الأمم التي بعث إليها رسله فعصت الرسل فأهلكها اللَّه بالعذاب ، وأنّ ذلك ، وإن كان إخبارا عن أمرهم وهلكهم وكيف جرت الحال لهم ، فإنّه وعيد
[1] هكذا في الأصل ، وفي التعبير ثقل ، ولعل « عليه » زائدة أو محرفة . [2] بستان لكنية : لم نعثر على موضع بهذا الاسم .