وأمّا أعراض الدنيا فقد / ملَّكنا اللَّه ( تع ) منها وأعطانا وخوّلنا ما يجاوز الآمال والغايات ، ويفوت الأماني والنهايات ، ونحن على ثقة من وعده إيّانا إيراثنا الأرض كما قال اللَّه في كتابه ، وإظهارنا - بحوله وقوّته - على جميع أعدائه . فطب نفسا وأقم إلى أن تنصرف مع أصحابك في أساطيلنا . وأمر بردّ رجلين من أصحابه مع رجال من قبله إلى أهل أقريطش بجوابهم وبما عزم عليه من إغاثتهم ونصرتهم في أوّل وقت الإمكان من الزمان إن شاء اللَّه ( تع ) [1] . حديث في مجلس في ذكر فضل المنصور ( ص ) : 235 - ( قال ) : وذكر الإمام المعزّ لدين اللَّه ( ص ) يوما - وأنا جالس بين يديه - ما لاقاه المنصور ، - قدّس اللَّه روحه وصلَّى / اللَّه عليه وعلى آله وآبائه - من حرب أهل الفتنة إلى أن جلَّاها اللَّه ( تع ) على يديه ، وما مرّ عليه ( ص ) في ذلك من التّعب والنّصب ، ومقاساة السّفر ومباشرة الحرّ والقرّ ، وما خرج إليه من ذلك دفعة بعد الخفض والدّعة من غير دربة في ذلك ولا ممارسة ، وما عرض له لذلك من العلل . فقلت له : يا مولاي ، لئن كان قاسى لذلك جسيما ، فقد كشف اللَّه ( تع ) بذلك على يديه عن الأمّة بلاء عظيما ، وحصّن به ( عج ) دينه من أن يبدّل ، وسنّة نبيّه محمّد ( صلع ) من أن تغيّر . فقال : أجل ، وما زال ( ص ) في محنة عظيمة ومزاولة شديدة إلى أن نقله اللَّه إلى دار كرامته ومحلّ راحته / وقرار جنّته . ثمّ قال ( عم ) : لقد دخلت إليه في آخر أيّامه ( ص ) وقد اشتدّت علَّته ، فرأيت منه ما عرفت / له / الموت في وجهه ، فما تمالكت أن استعبرت ، فنظر إليّ وقال : ما لك ؟ قلت : أفكرت [2] فيك وفي المهديّ باللَّه - قدّس اللَّه روحه - وأنّه مذ أفضى اللَّه ( تع ) إليه بما أفضى به من كرامته وإن كان / ت / المحن قد عارضته ، فقد آل أمره
[1] ص 34 - 35 من عدد الحوليات المذكور . [2] أ : تذكرت . وأفكر في الأمر مثل فكر .