فتعجّبنا لذلك لمّا عمل [1] ورأيناه ، كيف اخترع ذلك واهتدى إليه صلوات اللَّه عليه . فقال ( عم ) : رأيته فيما يرى النائم قبل أخذ هذين الفاسقين بمدّة فجعلت أنظر إليه كما هو الآن بين يديّ وأقلَّبه وأقول : ما هذا ؟ فيقال لي : هذا يكون ينادى على أعدائك عليه ، ففهمت صورته وعملته على ذلك [2] . كلام في عقوبة الملحدين في أولياء اللَّه : 219 - ( قال ) وذكر المعزّ لدين اللَّه ( ص ) رجلا أصابه بلاء عظيم في نفسه ووصف ما صارت حاله إليه . وكان هذا الرجل قد ألحد في أولياء اللَّه وغلا في دينه . وقد كان قلَّد شيئا منه ، وناله بسبب ذلك من سخط الأئمّة / ما نعوذ باللَّه منه . فقال المعزّ لدين اللَّه ( ص ) لمّا ذكر ما صارت حال هذا الرجل إليه : ما ألحد أحد فينا ولا أراد إدخال النقص على شيء من أمرنا إلَّا ابتلاه اللَّه في عاجل الدنيا ببلاء يكون به نكالا . ولعذاب الآخرة أخزى وأشدّ وأبقى ، وإن كان أهل العذاب في الآخرة قد يجدون بعض العزاء بمن يرونه معهم من المعذّبين فيها بذنوبهم . والمعاقب في هذه الدنيا بمثل هذه العقوبة لا يرى مثله فيتعزّى به . ثمّ قال ( عم ) : إنّه قد أصابته - يعني هذا الرجل - لعنة ثلاثة أئمّة . وإنّ لعنة الإمام من أشدّ عذاب اللَّه لا تخطىء فيمن قصدته ولا ينجو من أصابته ، ولا واللَّه ما يرسلها أولياء اللَّه إلَّا على مستحقّها بعد أن لا يروا له محيصا منها / ولا يجدوا له بدّا منها . فأمّا ما داموا يرجون من المرء أوبة أو يطمعون له بتوبة فإنّهم يعفون ويصفحون ويتغافلون ويغتفرون ، لما جبلهم اللَّه ( عج ) عليه من الرأفة والرحمة والصفح وإقالة العثرة . ثمّ ذكر من تجاوز هذا الرجل وتعدّيه وما أدخل على الدين من الشبهة على ضعفاء المؤمنين ما يطول ذكره . قال : ولقد تقرّر عند المنصور باللَّه ( ص ) أنّه يقول : عندنا من حكمة اللَّه وعلمه ما نزيل به الجبال ونخرق به البحار ، ولنا من أوليائنا في الدين من تزول السماوات
[1] في أ : لذلك العمل ، والاصلاح من ب . [2] نفهم من هذه الرواية العجيبة أن القفصين اللذين ذكرهما المؤرخون لم يتخذهما جوهر بالمغرب ، بل صنعا خصيصا للاستعراض الذي كان ينوي المعز إقامته بالمنصورية احتفالا بنصر جيوشه ، على غرار ما كان يصنعه أباطرة الرومان عند عودتهم بالأسرى وأسلاب الحرب إلى روما